image

قمة البشير والسيسي: سند سياسي لدفع التعاون الاقتصادي

24 من أوكتوبر 2018
يقوم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الخميس بزيارة إلى العاصمة السودانية الخرطوم، تهدف إلى تحقيق المزيد من التوافق السياسي، بما يعزز المصالح الاقتصادية للجارين.

وسيعقد الرئيس المصري مع نظيره السوداني عمر حسن البشير مباحثات في إطار اللجنة الرئاسية العليا المشتركة بين البلدين، وفق بيان للرئاسة السودانية الذي لم يحدد مدة الزيارة.

وسبقت اجتماعات اللجنة الرئاسية في الخرطوم اجتماعات للجنتين الفنية والوزارية المشتركة، بجانب اجتماع رباعي لوزيري خارجية البلدين ورئيسي جهازي الأمن والمخابرات.

ويتضمن جدول زيارة السيسي للسودان، حسب الرئاسة السودانية، اجتماعا لرجال لأعمال من البلدين، ومعرضا للأدوية والمستلزمات الطبية.

وتعتبر قمة البشير والسيسي الثالثة والعشرين بينهما، وستبحث، وفق خبراء، ملفات اقتصادية عديدة تحتاج إلى سند سياسي قوي.

وتشهد العلاقة بين السودان ومصر تطورا ملموسا في الأشهر الماضية ترجم في الزيارات المتواترة لكبار مسؤولي البلدين، فضلا عن تغيّر الخطاب الإعلامي الذي لطالما كان مقياسا لحالة العلاقة بين الطرفين.

ويرى مراقبون أن الملفات الخلافية بينهما على غرار النزاع بشأن السيادة على مثلث حلايب وشلاتين وأبورماد الحدودي، وملف سد النهضة الإثيوبي، لن تؤثر على تنامي العلاقات السودانية المصرية في ظل حرص من قيادة الجانبين على ضرورة تحييدها والتركيز على الجوانب الإيجابية التي يمكن البناء عليها لتعاون أعمق خاصة على الصعيد الاقتصادي.

وفي أغسطس الماضي عُقدت في القاهرة اجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة المعنية بالإعداد لاجتماع اللجنة العليا على مستوى رئيسي الدولتين. وخلال هذه الاجتماعات ناقش الطرفان مشروعات 22 اتفاقية ومذكرة تفاهم في مجالات متعددة، بينها التعاون القضائي والقانوني وتسليم المجرمين. كما شملت المناقشات مشروعات أخرى، منها ما يتعلق بالنفط، والغاز، والهجرة، والزراعة، والصحة، والإعلام والتعاون الدولي.

ورغم التقارب الملحوظ حاليا، إلا أن السودان مازال يفرض، منذ مارس 2017، حظرا شاملا على السلع الزراعية المصرية.

وأعلن الجانب المصري في أغسطس، اكتمال تنفيذ التصميمات الخاصة بمشروع الربط الكهربائي مع السودان. وبعدها بشهرين، شهدت القاهرة مباحثات بين وزارة النقل والهيئة العامة لسكك حديد مصر، لتنفيذ مشروع خط ربط السكك الحديدية بين البلدين. ووفقا لرئيس لجنة الإعلام في البرلمان السوداني الطيب مصطفى، فإن “العلاقة بين البلدين، منذ القمة الأخيرة (19 يوليو الماضي بالخرطوم)، بدأت في تحسن ملحوظ”. وأضاف مصطفى “بدأ البلدان في تحسين (علاقة) الجوار، حيث أوقف الجانب المصري الحملات الإعلامية التي كان يشنها على السودان”.

واتهمت تقارير إعلامية مصرية السودان بدعم موقف إثيوبيا في ملف سد “النهضة”، بينما تقول الخرطوم إنها تبحث عن مصالحها دون إضرار بمصالح الآخرين.

ورأى أن قضية السد الإثيوبي “لم تعد تثير الخلاف، حيث نلاحظ أن الطرفين يعملان على إدارة ملف التفاوض بنقاشات عبر القنوات الرسمية، عكس ما كان سابقا”.

وتتخوّف القاهرة من تأثيرات سلبية محتملة لسد “النهضة” على حصتها السنوية البالغة 55.5 مليار متر مكعب، من نهر النيل، مصدر المياه الرئيسي لمصر.

وشدّد مراقبون على أن القمة المرتقبة الخميس بين البشير والسيسي ستركز على متابعة الملفات المتفق عليها، خاصة الاقتصادية.

وقال المحلل السياسي خالد سعد، إن هذه “الملفات الاقتصادية بحاجة إلى غطاء سياسي لدعمها حتى تمضي لمصلحة الجانبيين”.

وتابع “بعد الإجراءات الاقتصادية التي اتبعها السودان مؤخرا، يحتاج إلى غطاء سياسي إقليمي وعربي ليوفر لها الدعم، وذلك يمكن أن يتم عبر إحداث توافق مع مصر”.

وأعلن معتز موسى، رئيس مجلس الوزراء السوداني، الأربعاء عن سياسة تقشف اقتصادي لمدة خمسة عشر شهرا تبدأ من أكتوبر 2018 وحتى نهاية ديسمبر 2019، في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية.

ويهدف الإجراء إلى “كبح جماح التضخم” الذي اقترب في سبتمبر الماضي من 70 بالمئة، وفق تقرير لجهاز الإحصاء الحكومي.

وأشار معتز موسى إلى أن إجراءات التقشف ستشمل وقف الأنشطة التي تنظمّها الحكومة وتقليص سفر الوفود الحكومية إلى الخارج، وإلغاء كافة الأنشطة التي تتم على نفقة الدولة مثل المهرجانات والمؤتمرات.

وكانت الخرطوم أجازت في 6 أكتوبر الجاري، حزمة إجراءات اقتصادية لقطاع الصادرات والواردات، بينها تحديد سعر صرف جديد للجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية.

ويرى مراقبون أن هذه الإجراءات تبقى غير كافية لإنهاء الأزمة الاقتصادية في البلاد، وأنها بحاجة إلى دعم وإسناد خارجي. ورأى سعد أن “مصر لديها القدرة على أن تكون مدخلا لتوفير دعم خليجي للسودان لمواجه ندرة النقد الأجنبي، وتلافي أزمات شهدها البلد، مؤخرا، منها الندرة في الطحين والمحروقات”.

ومن المحتمل أن تواجه قمة البشير – السيسي بعض التحديات التي في جانب كبير منها سياسي أمني ومنها إقرار التعامل بالمثل في قضايا حرية التنقل والتطبيق الكامل لاتفاق الحريات الأربع بين البلدين.

ووقعت مصر والسودان اتفاقية “الحريات الأربع” في أبريل 2004، وتقضي بإلغاء كافة القيود على حرية الدخول والخروج والتنقل والتملك بين الدولتين.

وأثارت وسائل إعلام سودانية مؤخرا قضية تقييد الجانب المصري حرية حركة التنقل للسودانيين.

وقالت إن بعض السودانيين المتوجهين إلى مصر، خاصة عبر المنافذ البرية، يعانون من تعقيدات إجراءات الدخول، ما يؤدي إلى بقائهم لساعات طويلة قبل أن تكتمل إجراءات دخولهم.

كما اتخذت الخرطوم خلال الشهر الجاري إجراءات متعلقة بالسودانيين المتوجهين إلى مصر، بينهما تحديد سقف مالي قالت إنه اتخذ بالتنسيق مع الجانب المصري.

وبموجب هذا السقف لا يُسمح للسوداني بحمل أكثر من عشرة آلاف دولار حين توجهه إلى مصر.

ووفقا لسعد فإن “تطبيق الحريات الأربع والمعاملة بالمثل يمثل تحديا أمام القمة، رغم ملاحظة أن الطرفين لم يسمحا بأن تمثل القضايا الخلافية عائقا أمام الاتفاقات الاقتصادية”.

وفي الجانب المتعلق بالنزاع الحدودي، اتفق الطرفان في يوليو الماضي، على معالجة القضية دون تفاصيل. وقال وزير الخارجية السوداني الدرديري محمد أحمد، في تصريح سابق، إن” النزاع الحدودي حول مثلث حلايب لن يكون سببا في توتر العلاقات بين البلدين”.

avatar
عدد التعليقات: 0